الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

مع المعلمين .. آثار منطبعة !




علي حمد .. معلم الحلقة

مع صوت مؤذن مسجد الحي صاحب الصوت الندي الشجي / عمر أحمد عباس البدوي لصلاة المغرب أرتدي ثوبي المكدود وأهم بالخروج إلى حلقة التحفيظ ، بعد مقاطعة طويلة بسبب الحملة التي رفعتها ضد المحسوبية والمحاباة رغم صغر سنّي لكنني اخترت التأبي على وأد الحقوق منذ وقت مبكر ومبكر جداً .
هناك ينتظرنا معلم الحلقة العزيز / علي حمد بخاري الصحبي ، ذلك الرجل صاحب الفضل الكبير في إجادتنا لتلاوة القرآن الكريم .
بعد الصلاة نمسك مصاحفنا المخصصة ونغيب في مراجعة الآيات التي يلزمنا حفظها وتلاوتها بعد قليل ، وفي أوقات الراحة بين كل ورد وآخر نطلب الله ألا يأتي معلم الحلقة .
وما إن نسمع محرك السيارة قد توقف أمام باب المسجد حتى يعود الطلاب ترتيب أنفسهم وإعادة الانضباط مجدداً حتى لا تسبق عين المعلم إلى أحدهم في وضع شائن يستحق عليه الضرب .
كنت ووائل إدريس الطالبان الأبرز والأكبر والأنشط في الحلقة فنحن معاً في كل لحظة من الحياة ، ويولينا معلم الحلقة من الرعاية والولاية الشيء الكثير ، ويقدمنا كثيراً على بقية الطلاب ويكِلنا من مسؤوليات الكبار ما لا يتحمله غيرنا .
ناهيك عن الأنشطة الثقافية والترويحية المصاحبة للحلقة ونحن من يتولى تقديمها وترتيبها والعمل عليها .
ينادي معلم الحلقة كلٌ حيث مجموعته التي اتفقت في مقدار حفظها .
نجلس أمام معلمنا الذي لم أعهد منه أن ضربنا أو عنفنا رغم استحقاقنا الأكيد لذلك أحياناً ، ولا يتجاوز أن يلومنا بعض اللوم أو يرسل بعينيه العابرة كرسالة عتب إلينا .
تمتد إحدى قدميه بجانب وائل الذي يجلس على يساري وخيزرانه الأصفر الممشوق ينام بالقرب مني على الجهة اليمنى ، وأيّنا بدأ في تلاوة المقطع فنحن نتقنه وقل أن نقع في خطأ إلا ما ندر والفضل لله من قبل ومن بعد .
لقد تخرجنا من هذه الحلقة مبكراً نحمل سبعة أجزاء فقط ، وما زالت آثار معلم الحلقة من احترامه لنا وتقديره على غير العادة في نفوسنا باقية نكن له إزائها كل تقدير وإجلال .
بارك الله في عمر أستاذنا / علي حمد الصحبي وجعل الله له بكل آية أقرأني إياها فضلاً وأجراً وجنة عرضها السماوات والأرض .



حسن الشيخي .. حنان المعلم

أتذكر جيداً تلك الخطبة العصماء التي أسمعني إياها الأستاذ / حسن محمد الشيخي حين عدت متأخراً إلى حصته غير آبه به ، فلقد قابلت فضله بالجحود ، وغض الطرف المتلاحق عني بسوء الاستغلال والتمادي .
وما إن انتهت الحصة حتى أعلن اعتذاره لي أمام جميع طلاب الفصل وأعاد بذلك مكانتي وموقعي من النفوس .
يعد الأستاذ حسن الشيخي - معلم مادة البلاغة بمدرسة الصفة المتوسطة - واحد من المعلمين الذين أحدثوا أثراً في نفسي وكان سبباً حقيقياً بعد فضل الله تعالى في حصولي على المركز الأول في الإلقاء والتعبير على مستوى محافظة القنفذة .
لقد كان يشعرني بالحب والدفء والتقدير كثيراً حتى أجبرني على الشعور أنه بمثابة الأخ الأكبر وكان كثير المداعبات والملاطفات والتقرب إلينا .
وأنا أكتب هذه السطور ، بردت العلاقة بيننا كثيراً إلى حد الانقطاع وفترت نار التواصل إلا من بعض الصدف التي تجمعنا بين الحين والآخر .



المعلم الإنسان .. عبد الهادي الحسناني

وقبله كان المربي الفاضل الأستاذ / عبد الهادي الحسناني والد صديقي علي ، هذا الأستاذ الرائع بكل ما تعنيه الكلمة رغم غلظته وشدة بأسه لكنه يملك قلوب طلابه على النحو الذي يقول به الإمبراطور الفرنسي ( أن يخافك الناس خير من أن يحبوك ) .
صاحب فضل عظيم ، ففي كل مناسبة أنتصب فيها أمام منصات الإلقاء والحديث يزورني كأجمل ذكرياتي وأروع ملامح الماضي البديع .
عندما تطورت قدراتي في القراءة المنطلقة خالج إحساس ما هذا المربي الفاضل أن ثمة موهبة تسكن خلف هذا الطفل الطري اليافع ، واختار أن يضمه إلى جماعة اللغة العربية ولو قسراً ذلك لأنني تمنعت على المجيء والحضور في بادئ الأمر .
قدّم الكثير من المرغبات والمغريات لكنني أرفض وأتمسك بقرار الامتناع حتى لعب بالورقة الأخيرة وهي توظيف دور أخي أحمد واستخدامه كفرصة ضغط على هذا الطالب الأبله المتعجرف .
وبالفعل كان له ذلك وقد سحبني بالقوة والسلطة في وسط المدرسة للذهاب إلى مقر الجماعة ، وهناك وجدت من الاحتفاء والتقدير والاهتمام ما قدّمني لأصبح رئيساً للمجموعة وهذا ذكاء وفطنة من المعلم / عبد الهادي الحسناني .
وعند تنصيبي رئيساً للجماعة شعرت بالانتماء الشديد وأنها جزء من كياني لتبدو نباهة المعلم ثانية في تكليفي المباشر بالخروج للإذاعة المدرسية الصباحية منذ غدٍ ، لتصبح لي فيما بعد عادة يومية .
كان يوماً مفصلياً بالنسبة لي وكالعادة شاركني في أول إذاعة أظهر فيها رفيق الدرب وصديق العمر ( وائل إدريس الصحبي ) ، وكان ذلك اليوم أول ممارسة إعلامية صريحة لتخصصي حالياً .
ولم يتوقف دور هذا الإنسان في صقل مهاراتي وبناء شخصيتي عند هذا الحد بل كان يشعرنا دائماً بالأبوة والحنوّ والثقة ، صدقوني !! أن تُشعر إنسانا بالثقة والإكبار أعظم ما يمكن أن تقدمه لإنسان تنوي تصديره كمبدع وقيادة نافعة .
غادرت المرحلة الإبتدائية والقلب مجروح لفراق هذا المعلم الأب الإنسان ، ولعل الله – عز وجل – عوّضنا عن ذلك برفقة ابنه علي وصحبته الدائمة سيما وهو يأخذ عنه أفضل الطباع وأحسن الخصال .


عادل مديني .. مرآة الروح والجسد

وليس في ترتيب المعلمين على هذا النحو أي سر أو سبب فكلهم سواسية لهم فضل كبير ودور عظيم ولهم منا كل التقدير والاحترام .
ومنهم معلمنا في المرحلة الثانوية الأستاذ / عادل مديني الكيادي الذي يشبهني في أشياء كثيرة مثل الطول واللون وتدويرة الوجه والاهتمامات حتى كان يظن بعض الطلاب أننا أبناء أم واحدة والحقيقة أننا أبناء أمة واحدة .
ولم يقو الرابط بيننا حتى شاب العلاقة شيء من سوء الفهم والتقصير في حق بعضنا ، وبغض النظر عن المتسبب والبادئ بالإساءة فإن القلوب قد صفت والصدور اطمأنت واستنامت إلى بعضها .
وقد كنت أثق في مشورته ورأيه فهو صاحب خبرة طويلة وتجربة غنية وثرية وموهبة متفجرة ومزيته أنه متعدد المهارات والأدوات حتى تجد له في كل ميدان صولة وفي كل ساحة ومجال جولة .
وقد جمعتني به كثير من المشاركات والبرامج التي نجحنا فيها بشكل لافت ومبدع بفضل الله ثم بمسحته المتفردة وقدراته الفذة المتميزة ، أضافت لي هذه النجاحات كثيراً من الثقة والدربة والمراس .
وكثرة مشاغل هذا الإنسان وتعدد ارتباطاته يعيق كثيراً من تجلي إمكاناته ومواهبه ، كما أن غيابه اللافت عن المؤسسات الأهلية والمدنية يحرمها من قدراته الواسعة وأفكاره الناضجة .
وهو يشغل الآن مركزاً رسمياً لرعاية الموهوبين سيما وأنه نشط في هذا المجال ويحمل همّاً ثقيلاً وصدراً مترعاً بالرغبة الصادقة في إذكاء الطاقات وإيقاد الهمم ورعاية الموهوبين ولديه من المشاريع والأهداف ما يكتب له تاريخاً عظيماً ويبقي له أثراً واسعاً .
ولا أعرف لماذا يتأخر عن أن ترى النور ؟!!


مشعل الفلاحي

وخارج أسوار المدرسة لي من المعلمين والمشاعل التي أضاءت لي الطريق كثير ، منهم الشيخ الفاضل / مشعل بن عبد العزيز الفلاحي صاحب حركة التنوير والتبصير والتصحيح في الفكر والثقافة الشعبية في وادي حلي ، الرجل الذي يحمل لواء الإيجابية ويحيي هذه المعاني النبيلة في أبناء جلدته .
ورغم قلة احتكاكي به ولقاءاتي النادرة معه إلا أنه يصلني بكثير ، وليس مجرد رسائل قيمة ثمينة يبعثها بشكل شبه يومي وتحمل كثيراً من الأشواق والأمنيات الصادقة بالخير والفلاح .
وأنا شديد الإعجاب به على قدر ما يمنحني من الحب والتقدير الذي أشعر به دون تصريح وألمسه دون أدنى تلميح إلا في ثنايا سؤالاته المتكررة عن حالي ورسائله الوجدانية العميقة التي تستقر في صدري سيما إذا رفع عينيه ودونها تلك النظارة المدورة وكشفت عن حدقتين نافذتين طالما تفحصت منشورات المطابع ومكتوبات العلماء العظام فالقراءة كما حدثني غير مرة تعتبر مهنته الرئيسة وشغله الذي لا يصرفه عنه مخلوق .



عبد العزيز قاسم

ثم إلى رجل الصحافة الإسلامية الأول في السعودية وربما العالم العربي كله ، صاحب المكاشفات الشهيرة .
وكم هو فخري واعتزازي إذا عددته ضمن معلميّ وفي قائمة أصحاب الفضل عليّ ، فهو واحد من الرجال الذين زرعوا الثقة في نفسي وصاغوا شخصيتي ووقف إلى جانبي بكثير من الدعم المادي والمعنوي والحفز نحو التحدي والفاعلية .
فلم أكن أعرف أن رجلاً بهذه الشهرة العريضة يسعه أن يسمع لطلبي ويجيب سؤلي بالرغبة في العمل الصحفي برفقته وسارع إلى استقبالي بحرارة بالغة واحتضن موهبتي الغضّة الكسولة .
رغم أنني أتعبته كثيراً وخذلته في غير موقف إلا أنه كثير التودد والسؤال عني ويبالغ في رعايتي والتواضع لي بشكل يشد الانتباه ويلفت النظر ، ولا زلت أذكر وقفته للسلام عليّ وتوديعي حتى باب المؤسسة الصحفية التي يعمل بها .
شكر الله فضلك دكتوري العزيز / عبد العزيز بن محمد قاسم وبارك الله فيك ، ولعل موعداً قريباً يجمعنا .


ولنا عودة وبقية ،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق